الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم
{أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتخذ إلهه هواه} تعجيب من حال من ترك متابعة الهدى إلى مطأو عة الهوى فكأنه يعبده فالكلام على التشبيه البليغ أو الاستعارة. والفاء للعطف على مقدر دخلت عليه الهمزة أي أنظرت من هذه حاله فرأيته فإن ذلك مام يقضي منه العجب. وأبو حيان جعل أرأيت بمعنى أخبرني وقال: المفعول الأول من {اتخذ} والثاني محذوف يقدر بعد الصلات أي أيهتدي بدليل {فمن يهديه} والآية نزلت على ما روي عن مقاتل في الحرث بن قيس السهمي كان لا يهوى شيئًا إلا ركبه. وحكمها عام وفيها من ذم اتباع هو ى النفس ما فيها. وعن ابن عباس ما ذكر الله تعالى هو ى إلا ذمه.وقال وهب: إذا شككت في خير أمرين فانظر أبعدهما من هو اك فأته. وقال سهل التستري: هو اك داؤك فإن خالفته فدواؤك. وفي الحديث: «العاجز من أتبع نفسه هواها وتمنى على الله تعالى».وقال أبو عمران موسى بن عمران الأشبيلي الزاهد:
وقد ذم ذلك جاهلية أيضًا. ومنه قول عنترة: ولعل الأمر غني عن تكثير النقل.وقرأ الأعرج. وأبو جعفر {ءالِهَةً} بتاء التأنيث بدل هاء الضمير. وعن الأعرج أنه قرأ {الهة} بصيغة الجمع.قال ابن خالويه: كان أحدهم يستحسن حجرًا فيعبده فإذا رأى أحسن منه رفضه مائلا إليه. فالظاهر أن الهة بمعناها من غير تجوز أوتشبيه والهوى بمعنى المهوى مثله في قوله: {وَأَضَلَّهُ الله} أي خلقه ضالًا أوخلق فيه الضلال أوخذله وصرفه عن اللطف على ما قيل {على عِلْمٍ} حال من الفاعل أي أضله الله تعالى عالمًا سبحانه بأنه أهل لذلك لفساد جوهر روحه.ويجوز أن يكون حالا من المفعول أي أضله عالمًا بطريق الهدى فهو كقوله تعالى: {فَمَا اختلفوا إِلاَّ مِن بَعْدِ مَا جَاءهُمُ العلم} [الجاثية: 17] {وَخَتَمَ على سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ} بحيث لا يتأثر بالمواعظ ولا يتفكر في الآيات.{وَجَعَلَ على بَصَرِهِ غشاوة} مانعة عن الاستبصار والاعتبار والكلام على التمثيل. وقرأ عبد الله والأعمش {غشاوة} بفتح الغين وهي لغة ربيعة والحسن وعكرمة وعبد الله أيضًا بضمها وهي لغة عكلية وأبو حنيفة وحمزة والكسائي وطلحة ومسعود بن صالح والأعمش أيضًا {غشاوة} بفتح الغين وسكون الشين. وابن مصرف والأعمش أيضًا كذلك إلا أنهما كسرا الغين {فَمَن يَهْدِيهِ مِن بَعْدِ الله} أي من بعد اضلاله تعالى إياه. وقيل: المعنى فمن يهديه غير الله سبحانه {أَفَلاَ تَذَكَّرُونَ} أي ألا تلاحظون فلا تذكرون. وقرأ الجحدري {تَذَكَّرُونَ} بالتخفيف. والأعمش {تتذكرون} بتاءين على الأصل. اهـ.
|